اشترك في النشرة البريدية

دجالون وعناتيل

نشرت "الوفد" عن ثلاثة دجالين جمعوا ملايين الجنيهات من النصب على ضحاياهم، مرة بوهم استخراج كنوز أثرية من باطن الأرض، ومرات بحجة طرد الجان من أجساد النسوة، وإصلاح العلاقات مع أزواجهن، وذاعت شهرتهم فى مدينة الصف بالجيزة والقرى المجاورة لها، ولم يكن يعلم أحد أنهم ليسوا دجالين فقط، ولكن "عناتيل" وذئاب بشرية أيضا، يرتكبون الأفعال الفاضحة مع ضحاياهم من النسوة، ويقومون بتصويرهن والاحتفاظ بالصور، حتى بلغت ملفًّا يحوى صور العشرات من السيدات قاموا بتخديرهن وتصويرهن عاريات، تم كشف جرائم الدجالين عندما قام أحدهم ببيع أرض اشتروها من حصيلة النصب، وتم بيعها بمليونى جنيه، ولأن من بينهم شقيقين، والثالث غريب، فقد اتفق الشقيقان على أن يكون نصيب الشريك الثالث الغريب 200 ألف جنيه، فما كان منه إلا أن أرسل الصور لأزواج النسوة الضحايا فغلت الدماء فى عروقهم، وأقسم بعضهم على قتل الدجالين الثلاثة مهما يكن الثمن، وقام بعضهم بإبلاغ الشرطة، فتم القبض على اثنين واعترفا، فأمر وكيل النيابة بحبسهم وضبط وإحضار المتهم الثالث..

هكذا حال الدجال، يبدأ بنوع من الحرام فيتوغل فى أكثر من نوع من الحرام، وكما يقول المثل أو الحكمة المعروفة.. "إذا اختلف اللصوص ظهرت الجريمة وأدواتها والمسروقات إن وجدت"، والطمع قل ما جمع (وآدى حكمة شعبية ومأثور لفظى تانى) فها هم دخل بينهم الشيطان، فنصبوا على الناس، وهو شيطان يبدو بجوار شيطانهم الشخصى والإنسانى الذى أقنعهم بالتخلص من بعضهم البعض، شيطان "كيوت" ولطيف وإن جاوزت اللغة والتوصيف إلى حد الجموح أقول إنه بالمقارنة بشيطانهم هو شيطان "مؤمن"، ولكنه ليس "بتاع السندوتشات" الذى نسمع عنه فى الإعلانات، الخلاصة أنهم انتهوا جميعا إلى ما يستحقون، فإذا مصيرهم يصبح كوميديا نوعا ما، وهو أن يكون السجن فى هذه الحالة أرحم لهم ألف مرة -ويبوسوا إيديهم "وش وقفا"- من مواجهة أزواج النسوة ضحايا هؤلاء "العناتيل الدجاجلة".

ونشرت "الشروق" فى باب الحوادث أيضا عن نيابة حوادث غرب القاهرة الكلية بحبس سيدة 4 أيام على ذمة التحقيقات، لاتهامها بقتل زوجها بسبب الخلاف على المصروف، وتبين من تحقيقات النيابة أن مشاجرة وقعت بين الزوجة والزوج بالأيدى وتوجهت الزوجة إلى المطبخ وأمسكت بالسكين، وطعنته فى ظهره عدة "طعنات".. لله المشتكى وغفرانك ورحمتك..

أخشى أن أمثال هذه الحوادث لا تكون فردية وقليلة كما نحب أن تكون، لا كما هى فى الواقع، خاصة بعد غلاء المعيشة بوجه عام، واستهتار الرجال بالمسئولية الاجتماعية الملقاة على عاتقهم وتسيير أمور بيوتهم، وهو أمر يرجع لافتقاد كثير منا فى المجتمع المصرى للثقافة الزوجية، ونقص الاستشارات للمقبلين على الزواج، لذا أصبحنا تحديدا فى مصر على مؤشر الأمم المتحدة من أعلى الدول فى نسب الطلاق، ويبدو أننا سوف نضرب رقما قريبا فى نسبة العنف الأسرى أيضا إن لم نتدارك الأمر، فأصبح السكين هو الأداة الناجزة فى التفاهم الأسرى بدلا من العقل والمنطق اللذين حل محلهما العنف، وكما كنا نسمع عن جيل آبائنا الذين كانوا يتفاهم بعضهم مع بعض بالعين بل وحتى بـ"الشفرة"، أما الآن فأصبحوا يتفاهم بعضهم مع بعض بنوع آخر من "الشفرة" وإن كانت حادة نوعا ما ومن المعدن أيضا، وسيظل الأمر فى الجريمة الاجتماعية الأسرية التى نحن بصددها ممتدة من حكم الدرجة الأولى قضائيا بتهمة القتل عن طريق الطعن، إلى "الطعن" النهائى على الحكم.