اشترك في النشرة البريدية

قائد الدفاع الجوي: نعمل بخطط وأهداف محددة.. والاستعداد القتالي هدفنا الدائم

"ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين"، أؤكد لكل شعب مصر أن قوات الدفاع الجوي تحافظ على استعدادها القتالي العالي، واضعة في حسابها التهديدات التى تتعرض لها دول المنطقة وعدم الاستقرار السياسى من حولنا".

هكذا استهل الفريق علي محمد علي فهمي، حديثه المفتوح مع الإعلام العسكري في المؤتمر الصحفي الذي عقده بمقر قيادة قوات الدفاع الجوي بالمقطم، للاحتفال بالعيد الثامن والأربعين للدفاع الجوي الذي يؤرخ باكتمال حائط الصواريخ في ٣٠ يونيو ١٩٧٠.

وواصل قائلا: "فى البداية أود أن أوضح أمراً هاماً جداً؛ نحن كرجال عسكريين نعمل طبقاً لخطط وبرامج محددة وأهداف واضحة.. إلا أننا فى ذات الوقت نهتم بكل ما يجرى حولنا من أحداث ومتغيرات فى المنطقة، والتهديدات التى تتعرض لها كافة مسارات السلام الآن وما تثيره من قلق بشأن المستقبل ككل ليست بعيدة عن أذهاننا، ولكن يظل دائماً وأبداً للقوات المسلحة أهدافها وبرامجها وأسلوبها فى المحافظة على كفاءتها سلماً وحرباً. 

وعندما نتحدث عن الاستعداد القتالى لقوات الدفاع الجوى.. فإننا نتحدث عن الهدف الدائم والمستمر لهذه القوات.. بحيث تكون قادرة ليلاً ونهاراً سلماً وحرباً وتحت مختلف الظروف على تنفيذ مهامها بنجاح". 

64c10ea8-310c-4faf-8d75-91516b4f3483

وأوضح قائد الدفاع الجوي أن تحقيق الاستعداد القتالى العالى والدائم يتم من خلال مجموعة من المحددات والأسس والاعتبارات، تتمثل فى الحالات والأوضاع التى تكون عليها القوات طبقاً لحسابات ومعايير فى غاية الدقة، وتوفر الأزمنة اللازمة لتحول القوات لتنفيذ مهامها فى الوقت المناسب. ويتم المحافظة على الاستعداد القتالى الدائم من خلال استعداد مراكز القيادة الرئيسية والتبادلية لإدارة أعمال القتال والمحافظة على الكفاءة الفنية للأسلحة والمعدات، فيما يتم تنفيذ كل هذه العناصر فى إطار من الانضباط العسكرى الكامل والروح المعنوية العالية.

وأكد الفريق فهمى أن التطوير والتحديث فى منظومة الدفاع الجوى مستمر وفقاً لمنهج علمى مدروس ومحدد لتنمية القدرات القتالية والفنية للقوات المسلحة، بما يمكنها من تنفيذ المهام المكلفة بها لحماية وتأمين المجال الجوي المصري.

وفيما تعد منظومة الدفاع الجوى المصري من أعقد منظومات الدفاع الجوي في العالم، نظرا لاشتمالها على العديد من الأنظمة المتنوعة، لفت قائد الدفاع الجوي أن إيجابية عناصر بناء المنظومة تحقق حرمان العدو من تنفيذ مهامه. وأوضح قائلا: "تتكون منظومة الدفاع الجوى من عدة عناصر استطلاع وإنذار وعناصر إيجابية تمكن القادة من اتخاذ الإجراءات التى تهدف إلى حرمان العدو من تنفيذ مهامه أو تدميره بوسائل دفاع جوى تنتشر فى كافة ربوع الدولة فى مواقع ثابتة، وبعضها يكون متحركاً طبقاً لطبيعة الأهداف الحيوية والتجميعات المطلوب توفير الدفاع الجوى عنها.

ويتحقق بناء منظومة الدفاع الجوى من خلال توازن جميع عناصر المنظومة وفاعليتها وقدرتها على مجابهة العدو الجوى، بالإضافة إلى التكامل بين عناصر المنظومة والذى يتضمن التكامل الأفقى ويتحقق بضرورة توافر جميع العناصر والأنظمة الأساسية للمنظومة، والتكامل الرأسى ويتحقق بتوافر أنظمة تسليح متنوعة داخل العنصر الواحد". 

وواصل الفريق فهمي: "ويتطلب تنفيذ مهام الدفاع الجوى اشتراك أنظمة متنوعة لتكوين منظومة متكاملة تشمل على أجهزة الرادار مختلفة المديات تقوم بأعمال الكشف والإنذار، بالإضافة إلى عناصر المراقبة الجوية وعناصر إيجابية من صواريخ متنوعة والمدفعية مضادة للطائرات والصواريخ المحمولة على الكتف والمقاتلات وعناصر الحرب الإلكترونية... يتم السيطرة على منظومة الدفاع الجوى بواسطة نظام متكامل للقيادة والسيطرة من خلال مراكز قيادة وسيطرة على مختلف المستويات، فى تعاون وثيق مع القوات الجوية والحرب الإلكترونية بهدف الضغط المستمر على العدو الجوى وإفشال هدفه فى تحقيق مهامه وتكبيده أكبر نسبة خسائر ممكنة".

90b7e119-970b-41dc-90b4-cd7edb0ff307

وشدد الفريق علي فهمي على حرص قوات الدفاع الجوى على التواصل مع التكنولوجيا الحديثة واستخداماتها في المجال العسكري من خلال تنويع مصادر السلاح وتطوير المعدات والأسلحة بالاستفادة من التعاون العسكري بمجالاته المختلفة، طبقاً لأسس علمية يتم اتباعها فى القوات المسلحة وتطوير وتحديث ما نملكه من أسلحة ومعدات، وكذا السعي الحصول على أفضل الأسلحة في الترسانة العالمية.

وقال: "في هذا الإطار يتم تنظيم التعاون العسكري من خلال مسارين، الأول التعاون فى تطوير وتحديث الأسلحة والمعدات بما يحقق تنمية القدرات القتالية للقوات وإجراء أعمال التطوير والتحديث الذى تتطلبه منظومة الدفاع الجوى المصرى طبقاً لعقيدة القتال المصرية، بالإضافة إلى أعمال العمرات وإطالة أعمار المعدات الموجودة بالخدمة حالياً فى خطة محددة ومستمرة بما يؤدى إلى استمرار أعمال التطوير لقوات الدفاع الجوى على مستوى المعدات أو أسلوب الاستخدام.

والمسار الثانى التعاون فى تنفيذ التدريبات المشتركة مع الدول الشقيقة والصديقة مثل التدريب المصرى الأمريكى المشترك (النجم الساطع)، التدريب اليونانى المشترك (ميدوزا - 5) (اليونان)، والتدريب المصرى السعودى المشترك (فيصل - 11) (السعودية)، والتدريب المصرى الأردنى المشترك (العقبة -3) (الأردن) لاكتساب الخبرات والتعرف على أحدث أساليب التخطيط وإدارة العمليات فى هذه الدول، وقوات الدفاع الجوى تسعى دائماً لزيادة محاور التعاون فى كافة المجالات (التدريب، التطوير، التحديث...)". 

وأكد قائد قوات الدفاع الجوي أن التطور الهائل فى أسلوب الحصول على المعلومات وتعدد مصادر الحصول عليها لا يعني عدم قدرة الجيوش على الحفاظ على سرية أنظمة التسليح مع اختلاف الوسائل. وقال: "شيء طبيعي فى عصرنا الحالى أنه لم يعد هناك قيود فى الحصول على المعلومات، حيث تعددت وسائل الحصول عليها سواءً بالأقمار الصناعية أو أنظمة الاستطلاع الإلكترونية المختلفة وشبكات المعلومات الدولية. بالإضافة إلى وجود الأنظمة الحديثة القادرة على التحليل الفورى للمعلومة وتوفر وسائل نقلها باستخدام تقنيات عالية، مما يجعل المعلومة متاحة أمام من يريدها، ويجعل جميع الأنظمة ككتاب مفتوح أمام العدو قبل الصديق.

228d677a-d8ab-4a72-b929-c748695a63ac

ولكن هناك شيء هام وهو ما يعنينا في هذا الأمر، أن  فكر استخدام الأنواع المختلفة من الأسلحة والمعدات الذى يحقق لها تنفيذ المهام بأساليب وطرق غير نمطية فى معظم الأحيان بما يضمن لها التنفيذ الكامل فى إطار خداع ومفاجأة الجانب الآخر.. 

والدليل على ذلك أنه فى بداية نشأة قوات الدفاع الجوى تم تدمير أحدث الطائرات الإسرائيلية (الفانتوم) من خلال منظومات الصواريخ المتوفرة لدينا فى ذلك الوقت، وكذا التحرك بسرية كاملة لإحدى كتائب الصواريخ لتنفيذ كمين لإسقاط طائرة الاستطلاع الإلكترونى (الإستراتكروزر) المزودة بأحدث وسائل الاستطلاع الإلكترونى بأنواعه المختلفة، وحرمان العدو من استطلاع القوات غرب القناة باستخدام أسلوب قتال لم يعهده العدو من قبل (وهو تحقيق امتداد لمناطق تدمير الصواريخ لعمق أكبر شرق القناة)".

وأضاف بكلمات واثقة: "نحن لدينا اليقين أن السر لا يكمن فقط فيما نمتلكه من أسلحة ومعدات، ولكن مما لدينا من قدرة على تطوير أسلوب استخدام السلاح والمعدة بما يمكنها من تنفيذ مهامها بكفاءة تامة".

وارتباطا بمنظومة الدفاع الجوي القتالية حرص الفريق فهمي على التأكيد على اهتمام قيادة القوات المسلحة بتطوير نظم وأساليب إعداد الطلاب الدارسين بكلية الدفاع الجوى باعتبارهم عماد القوة التي تعتمد عليها في المستقبل، وتتولى تزويد وحدات الدفاع الجوي بالضباط المؤهلين ليس في مصر فقط بل والدول العربية والإفريقية الصديقة.

حائط الصواريخ

وأوضح قائلا: "نظرا لما يمثله دور كلية الدفاع الجوى المؤثر على قوات الدفاع الجوى والتى تتعامل دائماً مع أسلحة ومعدات ذات تقنية عالية وأسعار باهظة، فإننا نعمل على تطوير الكلية من خلال تطوير العملية التدريبية بالمراجعة المستمرة للمناهج الدراسية بالكلية وتطويعها طبقاً لاحتياجات ومطالب وحدات الدفاع الجوى والخبرات المكتسبة من الأعوام السابقة، بالإضافة إلى انتقاء هيئة التدريس من أكفأ الضباط والأساتذة المدنيين فى المجالات المختلفة. 

وكذلك تزويد الكلية بأحدث ما وصل إليه العلم فى مجال التدريب العملى، وفى هذا المجال فقد تم تزويد الكلية بفصول تعليمية لجميع أنواع معدات الدفاع الجوى مزودة بمحاكيات للتدريب على تنفيذ الاشتباكات مع الأهداف الجوية، كذا تم تجهيز الفصول والقاعات الدراسية بدوائر تليفزيونية مغلقة وشاشات عرض حديثة، وتم تحديث وتطوير المعامل الهندسية بالكلية، فضلاً عن تنفيذ معسكرات تدريب مركز لطلاب السنة النهائية للمشاركة فى الرمايات الحقيقية لأسلحة الدفاع الجوى بمركز التدريب التكتيكي لقوات الدفاع الجوى".

واختتم الفريق فهمي حديثه مع الإعلام العسكري بإلقاء مزيد من الضوء على دور رجال الدفاع الجوي في ملحمة نصر أكتوبر العظيم، وقال إن الحديث عن بطولات الدفاع الجوي خلال حرب أكتوبر لا ينتهي، عندما قام الدفاع الجوى المصرى بتحطيم أسطورة الذراع الطولى لإسرائيل فى حرب أكتوبر 1973.

وأضاف: "إذا أردنا أن نسرد ونسجل الأحداث كلها سنحتاج العديد من الكتب لتلم كافة الأحداث.. لكننا سنكتفى بنبذة عن دور قوات الدفاع الجوى فى هذه الحرب. يجب أولاً معرفة موقف القوات الجوية الإسرائيلية وما وصلت إليه من كفاءة قتالية عالية وتسليح حديث متطور، حيث بدأ مبكراً التخطيط لتنظيم وتسليح القوات الجوية الإسرائيلية. وقامت إسرائيل بتسليح هذه القوات بأحدث ما وصلت إليه الترسانة الجوية فى ذلك الوقت بشراء طائرات ميراج من فرنسا وتعاقدت مع الولايات المتحدة على شراء الطائرات الفانتوم وسكاى هوك، حتى وصل عدد الطائرات قبل عام 1973 إلى (600) طائرة أنواع مختلفة... 

3a2772af-9b30-411c-9a26-0aa01527d991

على جانب آخر توفر الوقت والإمكانيات للقوات الجوية الإسرائيلية للإعداد والتجهيز عقب حرب عام 56 وتحقيق انتصار زائف فى عام 1967 والإمداد بأعداد كبيرة من الطائرات الحديثة خلال حرب الاستنزاف، بينما كان على قوات الدفاع الجوى وهي حديثة النشأة التصدى لهذه الطائرات.

وبالفعل قدم رجال الدفاع الجوى ملحمة فى الصمود والتحدى والبطولة والفداء وقاموا باستكمال إنشاء حائط الصواريخ عام 1970 تحت ضغط هجمات العدو الجوى المستمرة، وخلال خمسة أشهر من إبريل إلى أغسطس عام 1970 استطاعت كتائب الصواريخ المضادة للطائرات إسقاط وتدمير أكثر من (12) طائرة فانتوم وسكاى هوك وميراج ... مما أجبر إسرائيل على قبول (مبادرة روجرز) لوقف إطلاق النار اعتباراً من صباح 8 أغسطس 1970....

ثم بدأ رجال الدفاع الجوى فى الإعداد والتجهيز لحرب التحرير واستعادة الأرض والكرامة، ووصل عدد من وحدات الصواريخ الحديثة سام - 3 (البتشورا) وانضمت لمنظومات الدفاع الجوى بنهاية عام 1970...

وخلال فترة وقف إطلاق النار نجحت قوات الدفاع الجوى فى حرمان العدو الجوى من استطلاع قواتنا غرب القناة بإسقاط طائرة الاستطلاع الإلكترونى (الإستراتوكروزار) صباح يوم 17 سبتمبر 1971... وإدخال منظومات حديثة من الصواريخ (سام-6 ) استعداداً لحرب التحرير". 

وواصل الفريق فهمي سرد ذكريات لا شك أنه عاش كثيرا منها وهو شاب تلقى من أبيه وتابع خطواته وهو يقود معركة حائط الصواريخ قبل وفي أثناء حرب أكتوبر المجيدة: "كانت مهمة قوات الدفاع الجوى بالغة الصعوبة، لأن مسرح العمليات لا يقتصر فقط على جبهة قناة السويس بل يشمل أرض مصر كلها بما فيها من أهداف حيوية سياسية واقتصادية وقواعد جوية ومطارات وقواعد بحرية وموانئ إستراتيجية.

 وفى اليوم الأول للقتال فى السادس من أكتوبر 1973 هاجم العدو الإسرائيلى القوات المصرية القائمة بالعبور حتى آخر ضوء بعدد من الطائرات كرد فعل فورى توالى بعدها هجمات بأعداد صغيرة من الطائرات خلال ليلة 6/7 أكتوبر تصدت لها وحدات الصواريخ والمدفعية المضادة للطائرات ونجحت فى إسقاط أكثر من (25) طائرة، بالإضافة إلى إصابة أعداد أخرى وأسر عدد من الطيارين.

وعلى ضوء ذلك أصدر قائد القوات الجوية الإسرائيلية أوامره للطيارين بعدم الاقتراب من قناة السويس لمسافة أقل من 15 كم.

وفى صباح يوم 7 أكتوبر 1973 قام العدو بتنفيذ هجمات جوية على القواعد الجوية والمطارات المتقدمة وكتائب الرادار ولكنها لم تجن سوى الفشل ومزيد من الخسائر فى الطائرات والطيارين.

وخلال الثلاثة أيام الأولى من الحرب فقد العدو الجوى الإسرائيلى أكثر من ثلث طائراته وأكفأ طياريه الذى كان يتباهى بهم، وكانت الملحمة الكبرى لقوات الدفاع الجوى خلال حرب أكتوبر مما جعل (موشى ديان) يعلن فى رابع أيام القتال عن أنه عاجز عن اختراق شبكة الصواريخ المصرية، وذكر فى أحد الأحاديث التليفزيونية يوم 14 أكتوبر 73 (أن القوات الجوية الإسرائيلية تخوض معارك ثقيلة بأيامها... ثقيلة بدمائها)".